لا تموتن إلا وأنتم مسلمون

لا تموتن إلا وأنتم مسلمون

يبدأ التوحيد بـ “لا”

لا إله إلا الله هي سدرة منتهى العلم: {َاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد:19].

والتوحيد هو مبتدأ الوجود الإنساني ومنطلق التحرر مما سوى الله، لأنه.. أكبر، فإن حاول أحد المجادلة في التوحيد يكون رد المؤمن على دعوة الشرك: “قل لا أشهد”، مستجيبا لدعوة ربه: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩} [العلق: 19].

لاءات ثلاث تترتب على ذلك: لا شرك، لا اتباع للهوى، ولا اتباع لخطوات الشيطان…

والإسلام اختيار .. ومسؤولية، والمبادئ الأساسية المترتبة على “لا إله إلا الله” هي:

لا إكراه في الدين. ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، لا تزر وازرة وزر أخرى. وحين تستقر تلك المبادئ فـ: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ..

“لا” نافية.. و”لا” ناهية هي التي تحدد ملامح المجتمع الإسلامي، وتتوالى الآيات التي تتكرر فيها “لا” .. تنهي عن نقض الأيمان والعهود، وعن كتمان الشهادة، وعن أكل الأموال بالباطل، وعن عضل النساء وإيذائهن، وعن البغي. “لا” الناهية في القرآن هي دائما ضد الظلم، ومع العدل، لأن الله وصف الشرك بأنه ظلم عظيم. فتوحيده وعبادته هو عدل الإنسان مع نفسه في التسليم لمن خلق وبرأ، وهناك “لا” تنهي المؤمن عبر بيان ما لا يحبه الله، فتصبح الطاعة قرينة اليقين به والتقرب إليه بترك ما يكره والدخول إلى رحاب محبته بعد اجتياز بوابة الفرائض، فيكون الانتهاء عما نهى عبادة فردية، ومسؤولية اجتماعية، ومصلحة دنيوية وأخروية، وقربى العابد المُحب.

فالله لا يحب الكافرين ولا الظالمين ولا المعتدين ولا الخائنين ولا المفسدين، ولا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِمَ، ويأمر ألا تقول لوالديك أف ولا تنهرهما، وألا يسخر قوم من قوم، وألا تتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وألا نكره فتياتنا على البغاء، وألا نؤتي السفهاء أموالنا، وألا ننقض الأيمان، وألا يؤخذ من قنطار النساء شيء، ورسله ينهون عن سوء الخلق في كثير من قصص القرآن لأنه مؤذن بفساد العمران، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تطغوا، ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، ولا تبطلوا صدقاتكم، ثم تأتي “لا” في التحريم وتتكرر “لا يحل لكم” في معرض بيان الحرمات في مواضع مختلفة.

لاءات الرحمات:

لكن اللاءات ليست كلها تحريمًا ونهيًا، فهناك في القرآن كثير من لاءات الرحمة، تحريم ورحمة في: لا تقتلوا أنفسكم ولا تقتلوا أولادكم، ولطف وجبر في: لا تهنوا ولا تحزنوا، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، ويقين في: لا تحسبن الله غافلًا، وقسط في: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم، وبشارة في : لا غالب لكم، وأمان في : لا تخشوهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وتواص بالحق والصبر من أجل يوم لا تظلم نفس. القرآن نفسه وصف بأنه: لا ريب فيه، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يمسه إلا المطهرون.

وتواترت اللاءات في وصف الغيب يوم القيامة سخرية ممن قالوا لا يبعث الله من يموت، وتحذيرًا في: لا تأتيكم إلا بغتة، وميزانًا في :لا ظلم اليوم ولا شفيع، ولا يؤذن لهم فيعتذرون، ولا يخفف عنهم العذاب، ولا تخفى منكم خافية، وقسطًا في يوم لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة. واللاءات في الدعاء على لسان المؤمن كثيرة، في: لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به.

وفي التوسل: لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين، وفي الاستغفار: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وفي التسليم: لا قوة إلا بالله.