أكاديمية “أمم” تشارك في المؤتمر السنوي لجامعة جيليشيم: معضلة السيادة والتحولات الجيوسياسية في المنطقة

كلمة رئيس الأكاديمية في افتتاح المؤتمر

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس جامعة إسطنبول جيلشيم المحترم، السادة أعضاء الهيئة التدريسية، الباحثون والضيوف الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

يشرفني أن أشارككم اليوم في هذا المؤتمر الهام الذي تنظمه جامعة إسطنبول جيلشيم بالتعاون مع أكاديمية أمم للبحوث والتدريب، تحت عنوان “التحولات السياسية ومعضلة السيادة في الشرق الأوسط”. إن هذا الحدث يمثل استمرارًا للتعاون المثمر بين مؤسساتنا، والذي نتشرف بأن نكون جزءاً منه للعام الثاني على التوالي.

قبل البدء في كلمتي، اسمحوا لي بتقديم أكاديمية ملتقى المعارف “أمم” للبحوث والتدريب. تأسست الأكاديمية بهدف تقديم إسهامات متميزة في مجالات البحوث والتدريب في العلوم الإنسانية. وتعمل الأكاديمية على تبسيط العلوم الإنسانية وتقديمها إلى العامة بصيغ مبسطة وحديثة، تهدف إلى جعل المعرفة متاحة ومفهومة للجميع، وذلك من خلال دمج الطرق الأكاديمية الرصينة مع الأساليب العصرية في العرض والتقديم. كما تسعى الأكاديمية إلى تعزيز الوعي المجتمعي بالقضايا المهمة في مجالات العلوم السياسية والاجتماعية، وإلى بناء قدرات الأفراد والمهتمين في هذه المجالات من خلال التدريب المستمر وورش العمل المتخصصة.

وفي العام الماضي، شاركت أكاديمية أمم للبحوث والتدريب بـ 11 ورقة بحثية تناولت جوانب متعددة من القضايا الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة، وفي هذا العام نواصل التزامنا بتقديم مساهمات علمية قيمة من خلال 14 ورقة بحثية جديدة، تعكس التزامنا بتقديم دراسات معمقة وتحليلات دقيقة تسهم في تعزيز الفهم الأكاديمي للواقع الجيوسياسي في الشرق الأوسط.

التحولات السياسية في الشرق الأوسط لم تكن يوماً بمعزل عن التحديات المتعلقة بالسيادة. فمع تزايد الضغوط الخارجية والتغيرات الداخلية، أصبحت الدول في المنطقة تواجه معضلة الحفاظ على سيادتها الوطنية، وفي الوقت ذاته التعامل مع التغيرات السريعة في السياقين الإقليمي والدولي. هذا التحدي المعقد يتطلب تفكيرًا استراتيجيًا وتعاونًا متعدد الأبعاد بين الأكاديميين وصناع القرار.

لقد شهدنا على مر السنوات أن منطقة الشرق الأوسط، بموقعها الحيوي وثرواتها الطبيعية، كانت وما زالت مسرحاً لصراعات سياسية واقتصادية كبيرة. وفي هذا السياق، نرى أن معضلة السيادة باتت أكثر تعقيدًا في ظل التدخلات الدولية وتنامي النفوذ الإقليمي، مما يدفع الدول للتفكير في استراتيجيات جديدة للتكيف مع هذه المتغيرات وحماية استقرارها الداخلي.

في أكاديمية أمم للبحوث والتدريب، نؤمن بأن الحلول لهذه القضايا لا يمكن أن تأتي إلا من خلال البحث العلمي الرصين. وقد سعينا خلال العامين الماضيين إلى أن نقدم عبر أوراقنا البحثية رؤى جديدة وتوصيات عملية تساعد في إيجاد سبل للتعامل مع التحديات السياسية في المنطقة، بما في ذلك معضلة السيادة.

إن شراكتنا المستمرة مع جامعة إسطنبول جيلشيم تهدف إلى تحقيق هذا الهدف، من خلال تعزيز الحوار الأكاديمي، وتوفير منصة للباحثين والخبراء لتبادل الأفكار والمقترحات حول التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه دول الشرق الأوسط. نحن على ثقة بأن هذا المؤتمر سيقدم إسهامات قيمة، وأن النقاشات التي ستدور خلال جلساته ستكون غنية بالأفكار التي يمكن أن تسهم في صياغة سياسات مستقبلية تخدم استقرار وتنمية المنطقة.

وفي الختام، أود أن أعبر عن شكري الجزيل لجامعة إسطنبول جيلشيم على تنظيم هذا المؤتمر للعام الثاني على التوالي، ولكل الباحثين الذين ساهموا في إعداد الأوراق العلمية التي ستناقش خلال هذه الأيام. أتمنى أن يكون هذا المؤتمر فرصة مثمرة للجميع للاستفادة من خبرات بعضنا البعض، ولإيجاد حلول عملية للتحديات الجيوسياسية التي نواجهها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.