منتدى الحوار الاستراتيجي
خطوة نحو التأسيس
ورقة عمل
إسطنبول 9/4/2023م
18 من رمضان 1444هـ
بحول الله سننطلق ببركة هذا الشهر الفضيل في تأسيس منتدى الحوار الاستراتيجي، الذي يتناول قضايا الأمة بشكل مفتوح وبعقل مستنير ومن تخصصات مختلفة، بحيث يستطيع هؤلاء أن يكوِّنوا في المستقبل ـ إذا ما رأوا أهمية هذا الحوار ومخرجاته ـ كيانًا مستقلًا يقوم على مسألة المقدمات والمقومات لبناء عقل استراتيجي للأمة.
وفي هذا السياق يطيب لنا أن نعلن عن تدشين أولى جلساته يوم الأحد الموافق 9 ابريل 2023م، الموافق 18 رمضان 1444هـ.
فكرة المنتدى:
قوام المنتدى حوار استراتيجي ومستقبلي حول المسائل التي تتعلق بمستقبل الأمة وعمليات التغيير فيها؛ لنواكب التغيير الاستراتيجي الحضاري القادم، ونعتبر هذا الحوار بادرة وإرهاصًا مهمًا لتدشين المنتدى الذي قد يتحول مستقبلًا إلى عقل استراتيجي للأمة، ورغم أن فكرة الحوار الاستراتيجي قد انتشرت وذاعت ضمن الدراسات التي تتعلق بالمناطق الإقليمية والعلاقات الدولية على اعتبار أنه حوار مهم بين النظم والدول المختلفة، إلا أنه في واقع الأمر قد بات مفهوم الحوار الاستراتيجي مفروضًا علينا اجتماعيًا في ظل سياقات الواقع الذي يحيط بنا في هذه الآونة من سيولة الأحداث، وانسداد الأفق السياسي، وانغلاق المجال العام، والأمور التي وصلت إليها المنطقة وعلى رأسها مصر الكنانة؛ وتعرضها لما يمكن وصفه بالتهديد الحقيقي لبنية مجتمعها وأصولها الاستراتيجية، بما يضعها على حافة ـ ربما الانهيار أو الإفلاس ـ أن تقع في دائرة الدول الفاشلة.
دواعي ومسوغات الحوار:
ومن هنا فإن هؤلاء الذين يمثلون طاقة حضارية في هذه الأمة لابد أن يتنادوا ويدعو بعضهم بعضًا للقيام بحوار استراتيجي على كافة المستويات، وأولها الذي يتعلق بالمجتمعات والأمم، ولعل هذا المعنى الذي يمثل نقل الحوار من دائرة الإقليمي والدولي إلى دائرة المجتمعات وكيان الأمم يعد من أوجب الواجبات، بل هو واجب الوقت الذي يجب أن تجتمع عليه “الأمم” و”الهمم”، فإن المهمة المنوطة بهؤلاء أن تكون هناك مجموعة عمل استراتيجية تنهض بهذا الأمر ضمن مهمة كبرى تتعلق بإنقاذ المجتمعات وتياراتها الأساسية، والجماعات الوطنية وقواها الوطنية بإدارة حوار حول مهمة الإنقاذ وصناعة المستقبل.
مهام منتدى الحوار الاستراتيجي:
ومن هنا فإن مجموعة العمل تلك، والتي نتشرف بها في تدشين هذا النشاط المهم لأكاديمية “أمم”، وكذلك “وقف القلم” ندعوها بأن تتبنى تلك المبادرة لتقيم حوارًا مفتوحًا بلا قيود حول مستقبل الأوطان، ومستقبل الإنسان والعمران فيها، ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة:122].
إن المهام الأساسية لمجموعة العمل الاستراتيجية تتمثل فيما يأتي:
ـ التفقه في الواقع والتعرف على معطياته، والتعامل معها ضمن حركة التدافع الحضاري، وعمليات التغيير المستقبلية، ذلك أن هذا الفقه هو الذي يؤسس العقل الواقعي والمستنير بأحواله، وطاقاته، وإمكاناته، وقدراته.
ـ ذلك النداء المهم الكامن في تلك الآية الكريمة ﴿وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[التوبة:122]؛ ذلك أن عملية الإنذار والاستنفار هي من أهم العمليات التي يمكن أن تستدعي حوارًا استراتيجيًا حول الواقع والمستقبل، من دون أن تهمل ذاكرتها الحضارية، وفاعلياتها النهضوية عبر خبرتها التاريخية.
ـ في سياق هاتين المهمتين تقع هذه الدعوة إلى هذا الحوار الافتتاحي الاستراتيجي حول واقع مصر وتحديات الأمة المسلمة التي تواجهها في هذا العصر والتي تتطلب عملًا جادًا، وحوارًا عميقًا مفتوحًا وممتدًا، وتمارس هذه القوة الفاعلة التي شكلت التيار الأساسي في الأمة -كأدوات وإمكانات ومكنات- إدارة هذا الحوار الذي تتسع دائرته، وتتعدد اهتماماته ومجالاته، ولعل أهم نشاط يمكن أن تقوم به هذه المجموعة الكريمة هو تحديد برنامج عمل لهذا الحوار، وتحديد مجالاته ووضع أهداف واضحة وتعيين طرق الوصول إليها ومتى نصل إليها، وإسناد المهام والأدوار.
ذلك أن الحوار الاستراتيجي الممتد ليس من هدفه فحسب أن تجتمع مجموعة أو مجموعات لتصيغ استراتيجية نهوض بدون إعلان وبتدرج وبتراكم يتصل فيه النظري بالعملي والفكري بالحركي، بل يمتد ليستوعب كل هذه المهام في منظومته، وهو إذ يقوم بهذه المهمة فإنه كما أشرنا يستحضر الخبرة والذاكرة الحضارية على طريق الاستشراف المستقبلي الذي يقوم بعمليات التغيير والإصلاح والنهوض.
إن بدء هذا الحوار في شهر رمضان ليس فقط تبركًا بهذا الشهر الكريم، بل هو استنهاض للهمم فيه كذلك، هذا الشهر الفضيل الذي شكَّل ساحة زمنية لفتوحات إسلامية وكانت فاتحة لتكوين أمة وسط قادرة على أن تؤدي الشهادة على ذاتها أولًا، والشهادة للعالمين.
ولعل البداية تلك التي نبدأها نقول فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
ونستفتح ذلك بالحمد لله رب العالمين، ونتوجه إلى القبلة بقصد الفاعلية محددين البوصلة اتباعًا نحو من كان ولا يزال رحمة للعالمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فنحدد تلك المهام في مستويات أربع:
- أهداف الحوار.
- طرق ومسالك تحقيق الأهداف.
- مواصفات المشارك في الحوار الاستراتيجي.
- المخرجات الأساسية وطرائق تفعيلها وتشغيلها في ميادين الواقع واستشراف المستقبل.
ولعل هذا الحوار الاستراتيجي الذي نشرع فيه في هذا الجلسة الافتتاحية يشكل بداية لعمل مستمر نحرص فيه أن يتحول في المستقبل إلى حالة مؤسسية تهدف إلى تكوين عقول استراتيجية راشدة وفاعلة.
من الحوار الاستراتيجي إلى العقل الاسـتراتيجي للأمـة
ما المقصود بالعقل الاستراتيجي؟
هو كيان شبكي فاعل يسير على هدي بصيرة استراتيجية تضع أولويات أزمات الحاضر وترسم الأهداف الصلبة للمستقبل القريب والبعيد.
يقوم هذا الكيان بدوره من خلال تفعيل رؤى البصيرة الاستراتيجية وتحويلها لخطط استراتيجية قبل الدفع بها إلى دوائر التدبير والحركة.
الكيان يربط أيضًا بين أوعية ومصادر رصد متنوعة تصب كلها في خدمة الاستراتيجية المقررة.
المقصود بأزمات الحاضر:
نقصد بها الأزمات الكبرى التي تعيق نهضة الأمة (مثلًا: الاستبداد، التخلف الحضاري في مواجهة قوى السيطرة والهيمنة الغربية، الانقسامات المجتمعية، تراجع الدعوة، نضوب محاضن التربية، تجفيف منابع التعليم الشرعي، أزمة القيادة، .. ونحو ذلك).
معالم كيانات العقل الاستراتيجي:
أولًا. الاجتهاد الجماعي:
الاجتهاد الجماعي فيه تأكيد مبدأ الشورى والتدريب عليه، والحد من ظاهرة الفردية والتبعثر، كما أن فيه فتح باب التوسعة من فقه الفروض العينية إلى فقه الفروض الكفائية.
أهمية الاجتهاد الجماعي تكمن أيضًا في كونه أكثر دقة وإصابة من الاجتهاد الفردي، وتعويضًا لغياب الإجماع والمجتهد المطلق، وتيسيرًا للاجتهاد ومنعًا للأسباب الداعية إلى تجميده.
إن تحقيق نهضة الأمة لابد لها من رؤية استراتيجية وعقل استراتيجي ومسار استراتيجي، مما لا يقوى على النهوض به فرد أو أفراد قلائل مهما أوتوا من خبرات وملكات استراتيجية.
إن مأسسة العقل الاستراتيجي المنشود ضرورة لا مناص منها، توجب الاجتهاد الجماعي وفقًا لمعايير وترتيبات إدارية محددة.
ثانيًا. تكامل وتكافل التخصصات:
لإحداث وإنجاح هذا التكامل والتكافل لابد من معايير منها:
1- الاحترام الكامل المتبادل بين أصحاب كافة التخصصات (بل وداخل كل تخصص أيضًا) بحيث يقدر كل عضو قيمة وأهمية وضرورة تخصصات غيره.
2- تجسير الفجوة بين العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية والاجتماعية.
3- الاستراتيجية الجيلية: متضمَنة أو موازية بحيث تكفل تقديم الأجيال الشابة للقيادة وتحمل المسئولية.
4-لابد أن تكون المواصفات للأعضاء إلزامية وصارمة.
ثالثًا. مواصفات خمائره وبنيته:
المواصفات الشخصية والفكرية والمهنية اللازمة:
- الاستقلالية الفكرية وعدم الولاء أو التعصب الحزبي.
- السيرة الأمينة المقبولة.
- القابلية للعمل الجماعي والشوري.
- المهنية في التخصص مع الانفتاح المعرفي والفكري.
- الانفتاح وقبول التنوع والاعتقاد بأصول التكامل المعرفي.
- حمل الهم العام للأمة والاهتمام بنهوضها الحضاري.
- الوعي الاستراتيجي العام.
- القدرة على التحليل المنهجي والتفكير المستقبلي؛ والإدراك العميق والسليم لحقيقة الواقع ودينامياته.
رابعًا. المرابطة على هذا الثغر وعدم مغادرته مهما كانت حوادث التدافع، وعدم إشغال أعضاء الكيان الاستراتيجي بمهام أخرى (على الأقل على مستوى البصيرة الاستراتيجية).
خامسًا. أشكال وأوعية الكيان الاستراتيجي:
- البصيرة الاستراتيجية.
- الرصد الاستراتيجي.
- الاستراتيجية الجيلية.
- التدبير والحركة.
سادسًا: التكامل الوظيفي بين مهام العقل الاستراتيجي:
- مهام العقل الاستراتيجي تتوزع بدورها إلى بصيرة استراتيجية توفر الرؤية الاستراتيجية.
- وكيان يستقبلها ويحولها إلى برامج تشغيل لتدبير وحركة استراتيجية.
- وذلك بالتنسيق (أو التوازي) مع استراتيجية جيلية تراعي تقديم الشباب للقيادة والمسئولية.
سابعًا: العقل الاستراتيجي تغذيه مراصد استراتيجية قد تشمل:
- مراكز دراسات، مصادر معلومات.
- مراكز استشراف مستقبل ورؤى العالم.
- مراكز قياس رأي واستطلاعات.
- مراصد وأكاديميات تعليمية وتأهيلية.
اترك تعليقاً